لم تكن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم ذليلة لزوجها يوم كانت تطحن له النوى حتى يعلف به فرسه، ثم تغسل له ثوبه، وتقِمُّ له بيته؛ حتى اشتكت لأبيها تعب يديها، وسألته خادمًا فأبى عليها.
ولم تكن عائشة رضي الله عنها خادمة، يوم أن كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل لها رأسه وهو في معتكفه، فتغسله وتدهنه له ثم يخرجه.
وأسماء بنت يزيد سفيرة النساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما قدمت إليه تخاف أن يفوتها وأخواتها أجر الجهاد والجمعة والجماعات؛ لانشغالهن بأمر الزوج والبيت والولد، بشرها النبي صلى الله عليه وسلم ومن خلفها من النسوة أن قيامهن بهذه الجهود يعدل أجر جهاد وصلاة أزواجهن في المسجد.
وأزواجهم الذين يغدون ويروحون من أجل لقمة العيش والسعي على العيال قسماؤهم في الأجر، وليسوا سابقيهن في الفضل، وكل ميسر لما خلق له.
فالله الذي خلق الأنثى ركب فيها ما لم يركبه في الرجل، وركب في الرجل ما لم يركبه في الأنثى، وطوال قرون مضت من عمر الإسلام لم نسمع في بلاد الإسلام عن عجائب الأدوار مثل ما نسمع الآن.
علاقة سامية
كانت أمهاتنا الفضليات يستقبلن آباءنا الكرام بالماء يسخنَّه، والطعام يعددنه، والوجه يبسِّمنه ولو كن مريضات، والدعاء يرتبنه ولو كن أمِّيات.
وكان آباؤنا لا يقر لهم قرار إن غابت الأمهات أو مرضن لفرط ارتباطهم بهن، حتى أن صديقًا لي توفي والداه في أسبوع واحد، ولم تكن بالثاني علة ولا شكوى، غير أن ارتباطهما الروحي جعلهما لا يطيقان الحياة إلا مع بعضهما.
العلاقة الزوجية في الشريعة تقوم على المكارمة كما يقول الفقهاء، لا على المحاصصة كما يقول الأدعياء، هو يكرمها بما يستطيعه مما فطره الله عليه وركبه فيه، وهي كذلك.
وغير ذلك عبث، عبث في لغة الفطرة، عبث في تركيبة البيت الربانية، عبث في منظومة أروع الحصون وأقوى القلاع، وهي الأسرة.
سمعت من كبريات النساء ورائداتهن اللائي أوصلهن الله إلى أعلى المناصب وأكبر المسئوليات، سمعتهن يقلن: قاتل الله هؤلاء الذين قتلوا فينا أجمل ما خلق الله.. أنوثتنا. توظفنا، ترقينا، سافرنا، ادخرنا، اختلطنا، لبسنا، ثم اكتشفنا أننا بقدر ما أخذنا أدوارًا ليست لنا بقدر ما ابتعدنا عن أنوثتنا وروعة جنسنا الذي فطرنا الله عليه. لن يصح إلا الصحيح، البيوت لها نظام نظمه الله، ولن تسعد إلا بالطريقة التي اختارها صاحبها.
وبينما أبحث فيما يُدبر ويُكادُ للأسرة وجدت الأمر قديم التخطيط، سابق الإجرام، وكله يدور حول التضخيم من شأن كلمتين: أنت وأنا. وما درى المساكين أن الزوجية الحقة تلغي هاتين الكلمتين، وتضع مكانهما آيتين: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}(البقرة:187) و{خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا}(الروم:21).
ولن تعود البيوت إلى حياة الجنات حتى تتخلص من هذه الخزعبلات، وتعود لأبسط المسلمات، وهي: فاطمة نور بيت علي، وعلي حصن فاطمة المنيع وحضنها الآمن.
موضوعات ذات صلة:
___________
* المصدر: صفحة "خالد حمدي" بالفيسبوك، 13/9/2018، بتصرف يسير.