
يتجه العالم في السنوات القادمة إلى تغيير جذري في هوية الإنسان ونظرته للخلق والكون، فثنائية الذكر والأنثى التي خلقنا الله عليها ستصبح -قريبًا جدًا- فكرة قديمة، وبدلاً منها سيتم ترويج مفهوم أن الإنسان يولد إنسانًا وهو يختار أن يكون ذكرًا أو أنثى، بغض النظر عن تكوينه البيولوجي، فالإنسان حر في تحديد نوعه، وحر في تحديد دوره الاجتماعي، وحر في تحديد ميوله الجنسية، وحر في أن يختار دور الأمومة أو الأبوة، وحر في أن يختار أن يكون شاذًا أو متحولاً جنسيًا أو ذا ميول نحو الجنسين، فهذه الحرية الجديدة التي يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل والإعلام بدعم مؤسسات وحكومات دولية. أما الدولة فيكون دورها في الحفاظ على حرية اختيار الإنسان والاعتراف الرسمي بحقه.
إنها الفوضى في تغيير هوية الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة، وخلاصة الأمر تكون النتيجة هدم الأسرة وهدم الأخلاق وهدم الأنساب وهدم الفرد، ونشر الأوبئة وتهديد النسل البشري، فالمتحمسون لهذا الفكر ينظرون للمرأة أنها لم تخلق امرأة، بل هي أصبحت امرأة، ووصفها بالأنثى استضعاف لها وقهر لها، وأن دورها كأم أو راعية للمنزل فيه تحقير لها، ولا بد أن تكون لها وظيفة اجتماعية أكبر، ويرون أن الصواب أن الإنسان هو من يختار جنسه وهويته الجنسية.
تبديل لسنة الله
إن ثنائية الذكر والأنثى ليست مجرد ظاهرة كونية أو جسدية، بل هو إيمان ينبغي أن نؤمن به، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، فهذه سنة كونية أوجدها الله تعالى للحياة مثل أن يعيش السمك بالماء، والطائر في السماء، والأسد في الغابة، فالسمكة تموت لو جعلناها تعيش بالسماء، والطائر يموت لو جعلناه يعيش بالماء؛ لأنه خالف فطرته وطبيعته، وهكذا لو غير الإنسان هويته الجنسية بناء على شهوته ومزاجه، فإنه يموت شعوره، وتضطرب شخصيته، ويصاب بالقلق والاكتئاب؛ لأنه خالف فطرته وطبيعتها.
والعالم اليوم يتجه بقيادة الغرب إلى هدم الأسرة من خلال دعم حرية الإنسان في اختيار هويته الجنسية، فاتجهت القوانين إلى تجريم من يعارض من يختار أن يكون شاذًا أو متحولاً جنسيًا أو ذا ميول بين الجنسين، وجعل أمر الشذوذ والتحول طبيعيًا وحقًا مشروعًا، وتم فرضه بالقوة بناء على رأي أقلية من المؤيدين على حساب أغلبية الشعوب، فصار المهم أن يشبع الإنسان نفسه وما يشتهي على حساب الزواج والأسرة وتربية الأبناء، وإذا استمرت حياة الإنسان بهذا الأسلوب فلن يكون لديه معنى للوجود ولا للأسرة أو العائلة.
كنا نناقش في السابق المساواة والحقوق بين جنسين، وهما: الرجل والمرأة، واليوم صرنا نناقش المساواة والحقوق بين خمسة أصناف، وهم: الرجل والمرأة والشاذ والمتحول جنسيًا وأصحاب الميول للجنسين، فكل هذه الأصناف صارت تطلب حقوقًا لها، وكلها صارت تطلب المساواة، وربما سيأتي زمان يصبح الرجل أو المرأة يمشون في الطرقات ويشعرون بأنهم غرباء، وكأنهم من كوكب آخر بسبب زيادة عدد الشاذين والمتحولين جنسيًا في العالم، فيشك الرجل برجولته وتشك المرأة بأنوثتها.
عندما خلق الله تعالى الناس جعلهم زوجين من ذكر وأنثى؛ من أجل التكامل في الحياة واستمرارها من خلال الإنجاب والتكاثر، فلو زاد عدد الشاذين والمتحولين على عدد الرجال والنساء، فإن البشر سينتهون بسبب عدم الإنجاب من الزوجين، فقانون الزوجية من القوانين الكونية التي أوجدها الله تعالى، وأي مخالفة لقوانين الله تعالى فإنه انتكاس للفطرة، فالحمد لله على نعمتي الإيمان والإسلام.
* المصدر: موقع اليوم، 24/8/2021.
موضوعات ذات صلة: