حول الأسرة

الأسرة.. المستهدف الأول للعلمنة

تتزايد الضغوط الخارجية في قضية المرأة والطفل بصورة لافتة، ومن خلال المواثيق الدولية يتم فرض أوضاع محددة على المنطقة العربية والإسلامية، لتغيير وضع المرأة والطفل، بزعم تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، وإصلاح أحوال المجتمع، بما فيها أوضاع المرأة والطفل، أمر مهم، ولكن المشكلة في التعارض الواضح بين الفهم الغربي للقضايا الاجتماعية والفهم العربي والإسلامي لتلك القضايا.
 
ففي مسألة الأسرة، تظهر الفروق الكبيرة بين الحضارة الغربية والحضارة الإسلامية. فالأسرة تمثل بنية اجتماعية أساسية؛ لذا تختلف أوضاع ودور الأسرة بين حضارة وأخرى، والمطلوب من خلال الضغط الخارجي، هو تطبيق الفهم الغربي للأسرة، على المجتمعات العربية والإسلامية، وتمثل قضية المرأة المدخل الرئيس لإعادة تشكيل الأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، من خلال تفكيك الأسرة إلى أفراد، رجل وامرأة وطفل، وتحديد لكل طرف حقوقه الخاصة به، بغض النظر عن الكيان المتكامل للأسرة.
 
فروق جوهرية
 
ويبرز هنا الفرق الجوهري بين النظر الغربي والنظر الإسلامي، ففي الحضارة الإسلامية، تمثل الأسرة كيانًا قائمًا بذاته، وله دوره وطبيعته الخاصة؛ لذا يصبح الحديث عن حقوق الأسرة له الأولوية، وبعد ذلك، يمكن الحديث عن واجبات وليس حقوق الأفراد داخل الأسرة، ومن خلال واجبات كل فرد داخل الأسرة، تتحدد حقوق الفرد الآخر، فعلى الرجل واجبات تجاه الأسرة، وهي تمثل حقوق الأسرة عليه، ومن ثَمَّ فهي حقوق الأطراف الأخرى داخل الأسرة عليه، وهكذا بالنسبة لبقية أفراد الأسرة، ومن جملة واجبات أفراد الأسرة، تستوفي حقوق الأسرة.
 
ولكن تلك النظرة تختلف عن النظرة الغربية، والتي ترى الأسرة مجموعة أفراد، لكل منهم حقوقه، دون النظر إلى حقوق الأسرة ككيانٍ متكامل؛ لذا يتم صياغة رؤى تحاول التقليل من شأن رؤية المجتمعات الشرقية المحافظة للأسرة، من خلال تصوير تلك المجتمعات بوصفها مجتمع ذكوري، أي مجتمع يقوم على سيطرة الرجل على المرأة؛ مما يجعل تعظيم قيمة الأسرة، هو فرض لرؤية الرجل على المرأة، وكأنَّ المرأة لا تؤمن بقيمة الأسرة، ومن جانبٍ آخر، يتم تصوير مركزية حقوق الأسرة بوصفها ضد حقوق المرأة، وكأنَّ الرؤية المحافظة للأسرة هي رؤية الرجل ضد المرأة، أو أنها رؤية تعظم دور الرجل على حساب دور المرأة.
 
بالطبع هناك ممارسات سلبية شهدتها المجتمعات العربية والإسلامية في حقِّ المرأة، أو في حق الطفل، ولكن السلبيات التي يعاني منها أي مجتمع، لا يمكن أن تكون مبررًا لتفكيك بنية المجتمع نفسه، ومحاولة تشكيله على نمط مغاير حضاريًّا، فإصلاح أوضاع المجتمع، تتم من خلال طبيعته الحضارية الخاصة، ومن خلال قيمه وتقاليده، فيتم تجديد المجتمع من داخل ذاته الحضارية المتميزة، ولكن ما يحدث تحت لافتة قضايا المرأة، يمثل محاولة لإعادة تشكيل الأسرة على نمط مغاير حضاريًّا، لتغيير دور الأسرة وطبيعتها في المجتمعات العربية والإسلامية؛ لذا يتم التركيز على قضايا المرأة، بوصفها البوابة لتغيير مفهوم الأسرة، من خلال التركيز على مشكلات المرأة، بمعزلٍ عن مشكلات المجتمع أو مشكلات الأسرة، وكأنَّ المجتمعات العربية والإسلامية تتشكل من مجموعة أفراد، وبعضهم يحظى بكل حقوقه وهم الرجال، والطرف الآخر لا يحظى بحقوقه وهي المرأة، وتلك رواية تختلف عن الرواية الحضارية للمجتمعات العربية والإسلامية.
 
المرأة والرجل معًا، شكَّلوا بنية المجتمع ومفهوم الأسرة، والمجتمعات العربية والإسلامية، لا يمكن تقسيمها إلى فريقين، فريق الرجال وفريق المرأة، فهي مجتمعات مُشكَّلة من تكوينات اجتماعية وجماعية، وليست من أفراد، والأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، تمثل كيانًا لا يمكن تفكيكه إلى أفراد، وإذا كانت هناك مفاهيم سلبية تنتشر في المجتمع، فإن الأسرة بكل أفرادها هي التي تنشر تلك المفاهيم، وليس فرد في مواجهة فرد آخر، أو الرجل في مواجهة المرأة، وعندما تنتشر بعض المفاهيم السلبية عن المرأة، يحدث هذا في بيئة اجتماعية معينة، وتنتشر هذه المفاهيم من خلال الأسرة، بكل أفرادها؛ لذا يجب التفرقة بين المجتمع القائم على أفراد، كما في المجتمعات الغربية، والمجتمع القائم على كيانات منها الأسرة، كما في المجتمعات العربية والإسلامية.
 
الأسرة حاضنة الأمة
 
لا يمكن التقليل من شأن الأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، فهي تقوم بدور مركزي، يماثل دور الدولة في المجتمعات الغربية، ففي الغرب تقوم الدولة بإنتاج هويتها وقيمها في المجتمع، حتى تنتقل القيم من جيلٍ إلى آخر، وتستمر القيم العليا مهيمنةً على المجتمع ومنظمة له، ولكن في المجتمعات العربية والإسلامية، لا تقوم الدولة بهذا الدور في الوضع الحالي؛ لأن معظم الدول في المنطقة تتبنى قيمًا مغايرةً لقيم المجتمع، ولكن حتى في المراحل التي شهدت الدولة العربية الإسلامية، التي كانت تتبنى قيم الأمة، لم يكن دور نشر القيم وتربية الجيل الجديد على قيم الأمة، هو دور الدولة بل كان دور الأسرة؛ لذا نرى أن الأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، هي المؤسسة الأولى التي تقوم بنشر قيم الأمة، ونقلها من جيلٍ إلى آخر.
 
وهذا دور محوري للأسرة، فهي الكيان الحاضن لقيم الأمة، والحاضن لهوية الأمة ومرجعيتها الحضارية، وهو الكيان الذي يقوم بنشر تلك القيم من جيلٍ إلى جيل، لحد يجعل الأسرة هي الحاضنة الرئيسة لهوية الأمة الإسلامية، ومن هنا تظهر أهمية تغيير دور الأسرة بالنسبة للغرب، وتظهر في الوقت نفسه خطورة تلك العملية على الأمة، فعملية التغريب والعلمنة تريد تغيير دور الأسرة، بالنظر لها على أنها ليست كيانًا له حقوق على الأفراد المنتمين له، مما يجعل الأسرة مجرد مجموعة من الأفراد، وليست كيانًا متكاملاً.. فيتم تفكيك دور الأسرة وحقوقها إلى أدوار الأفراد وحقوقهم، حتى ينتهي الدور الجماعي للأسرة، فعندما ننظر إلى الأسرة بوصفها مجموعة من الأفراد، ويتم تحديد حقوق كل طرف، ثم يصبح القانون ومن ثَمَّ الدولة هي التي تحمي حقوق كل طرف، ينتهي بذلك الدور الجماعي للأسرة، وتنتهي الشخصية الاجتماعية الاعتبارية لها، ولكن عندما ننظر للأسرة بوصفها كيانًا واحدًا له حقوق على الأفراد المنتمين لها، نعظم من دورها بوصفها كيانًا غير قابل للتقسيم.
 
 وكل حركات الدفاع عن حقوق المرأة، تقدم خطابًا يفكك الأسرة إلى أفراد، ويجعل لكل فرد حقوقه، ويفترض تعارض تلك الحقوق، بصورة تستلزم حمايتها من خلال القانون وسلطة الدولة.
 
 وإذا تم تفكيك وحدة الأسرة، لن تصبح حاضنًا لهوية الأمة، ولن تتمكن من إعادة نشر قيم الأمة بين الأجيال الجديدة، خاصةً إذا تم تعميق الخلاف بين الرجل والمرأة والطفل؛ مما يفقد الأسرة هيبتها ككيانٍ له شخصيته وهويته التي ينتمي لها الجميع، ينتج عن ذلك تقليل السلطة الأدبية والمعنوية للأسرة على الأفراد المنتمين لها، وبهذا تعجز الأسرة عن حماية هوية الأمة، وعن تنمية الوعي بوحدة الأمة، وتأكيد التزام الأمة بحضارتها ومرجعيتها الدينية.
 
 وعندما يتوقف دور الأسرة في بناء الأمة، تتعرض الأمة لسطوة الدولة وتصبح قابلةً للاختراق من القيم العلمانية التي تتبناها الدولة؛ لذا فالمستهدف من خلال التركيز على قضايا المرأة والطفل، هو إنهاء دور الأسرة وتأثيرها، لصالح سلطة الدولة والنظام السياسي، والذي يقع تحت سيطرة العلمنة، بقوة الضغط والهيمنة الغربية.
 
المرأة عماد الأسرة
 
لقول بأن المجتمع العربي والإسلامي ذكوري، يخالف حقيقة دور المرأة في الأسرة العربية والإسلامية، فالمرأة عماد الأسرة، وهي التي تتولى بناء الأسرة من الداخل، وتتولى تربية الأبناء، وتتولى بذلك عملية نقل قيم المجتمع من جيل إلى آخر، فالمرأة هي التي تبنى هوية الأمة داخل الجيل الجديد، وهي التي تتولى مسئولية الحفاظ على هوية الأمة وقيمها وأخلاقها، فالمرأة في المجتمع الشرقي المحافظ المتدين، هي المؤسسة المسئولة عن بناء هذا المجتمع والحفاظ عليه، وهي التي تنشر قيم الأمة وتحافظ عليها.
 
 وفي الدول الغربية، نجد أن مسئولية تربية الأجيال الجديدة تقع على الدولة من خلال المؤسسات التعليمية والإعلامية، ويتم نقل قيم المجتمع من خلال فرض القانون، والذي تحميه الدولة، لهذا لا يصبح للمرأة ذلك الدور الجوهري والمركزي في بناء هوية الشعوب في الغرب، ولكن الوضع مختلف في المجتمعات المحافظة المتدينة، مثل المجتمعات العربية والإسلامية، حيث تقوم المرأة بدور ناقل الهوية الجمعية للمجتمع، وهي بهذا تقوم بالدور الذي تقوم به الدولة في المجتمعات العلمانية.
 
 وعندما يتم تغيير دور المرأة من أجل تحريرها، يتوقف دورها في نقل هوية الأمة للأجيال الجديدة، مما يمكن من السيطرة على هوية المجتمعات، ونشر العلمانية بها، فمحاولة تغيير دور المرأة، بتعظيم دورها خارج المنزل، سوف يؤدي في النهاية إلى تقليص دورها داخل الأسرة، وعندما يتقلص دور المرأة داخل الأسرة، وتتفرغ للعمل خارج الأسرة، تفقد الأسرة ككيان قدرتها على نشر القيم الحضارية للأجيال الجديدة، وتصبح تلك الأجيال واقعةً تحت تأثير الدولة والمؤسسات العامة والإعلامية والتعليمية، مما يتيح تغيير قيم الأجيال الجديدة تدريجيًّا.
 
 ودور المرأة داخل الأسرة لا يقلل من شأنها، فهو مثل دور الرجل في الدفاع عن الأمة، فالرجل يشترك في الحرب دفاعًا عن الأمة وأوطانها، والمرأة تعمل في المنزل دفاعًا عن قيم الأمة وهويتها.
 
 لهذا تحمي المرأة الجبهة الداخلية، ويحمي الرجل الجبهة الخارجية، وهو تقسيم عمل، يؤدي إلى دور متكامل من الجميع، من أجل حماية الأمة وهويتها ومرجعيتها، وهو نفس المبدأ الذي تقوم عليه مؤسسة الأسرة، أي الأدوار المتكاملة وغير المتعارضة وغير المتنافسة، فالأسرة كيان متكامل، ليس به فرد أفضل من الآخر، ولكن الأدوار داخل الأسرة تتكامل من أجل تحقيق دور الأسرة وحماية حقوقها.
 
وتحقيق التكامل يحتاج إلى تمايز بين الأدوار، وليس تمييزًا بين الأفراد، فالتمايز بين الأدوار، أو تنوع الأدوار، هو الذي يحقق التكامل، ولكن التماثل في الأدوار لا يحقق التكامل، وبالتالي لا يسمح ببناء وحدة متكاملة ومترابطة، فتماثل الواجبات والحقوق بين أفراد الأسرة يحولها إلى مجرد مجموعة من الأفراد، وينهي وحدتها ككيان، ويلغي الحقوق الجمعية للأسرة لصالح حقوق الأفراد.
 
وبهذا تنتهي الأسرة بوصفها مؤسسة مركزية، تقوم بدور عام أساسي، وهو بناء الأمة.
 
الأسرة وعلمنة الدولة
 
يختلف بناء الأسرة طبقًا للأسس التي تم عليها، والأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، أسرة دينية، تقوم على عهد ديني، له شروطه وواجباته، والأسرة الدينية، هي أسرة لها مرجعية أعلى منها، وهي الدين، وليست مرجعيتها الدولة أو القانون، بل مرجعية أعلى من ذلك، فالأسرة التي تقوم على أسس دينية، هي أسرة لها التزامات دينية وواجبات محددة، وكل فرد في الأسرة عليه التزامات بحكم التزامه بأحكام الدين؛ لذا يمثل الدين المرجعية الأعلى للأسرة، ومنه تتحدد حقوق الأسرة، وواجبات الأفراد.
 
هذا الوضع يختلف عن الأسرة التي تبنى على أسس من القانون الوضعي، ولا يكون لها أساس ديني، فالأسرة العلمانية أو الدنيوية، تقوم على عقد شراكة بين أفراد، مثل أي شركة أخرى، وتتحدد العلاقة بين الأفراد طبقًا للعقد وشروطه، والتي يحددها القانون وترعاها الدولة.
 
وهذا نموذج مختلف تمامًا عن الأسرة الدينية؛ لأن الدين يؤسس الأسرة بوصفها لبنة مركزية، وبوصفها وحدة متكاملة، ويحدد حقوقها، ثم يحدد توزيع الأدوار بداخلها، والرؤية الدينية، تقوم على التكامل بين مكونات الطبيعة، والتكامل بين الرجل والمرأة؛ لذا تمثل الأسرة الدينية بناءً متكاملاً، وليس مجرد شركة بين أفراد.
 
وعندما تتم محاولات لفك الأساس الديني للأسرة، من خلال تغيير القوانين تدريجيًّا، فإن هذه المحاولة تهدف لتغيير مرجعية الأسرة، فتصبح مرجعية علمانية دنيوية، بعد أن كانت مرجعية دينية، وعندما تنتهي المرجعية الدينية للأسرة في المجتمعات العربية والإسلامية، يؤدي ذلك إلى تعضيد علمنة الدولة وبسط نفوذ العلمانية من خلال الدولة، فالأسرة الدينية تمثل العقبة الأساسية أمام استكمال علمنة الدولة، فالدولة لن تستكمل العلمنة إلا بعلمنة المجتمع، والمجتمع لن يخضع للعلمنة إلا بعلمنة الأسرة، وبهذا تصبح الأسرة هي المفتاح، لتحقيق العلمانية وحمايتها في البلاد العربية والإسلامية، والمرأة هي المدخل للأسرة، ليس بوصفها الطرف الضعيف، ولكن لأنها عماد الأسرة.
 
تحرير المرأة من الأسرة
 
الناظر لحركة تحرير المرأة، يرى أنها محاولة لتحرير المرأة من الأسرة، حتى تصبح فردًا غير خاضع لمؤسسة تنتمي لها، والقول بأن الرجل هو الذي يتحكم في الأسرة، والمرأة هي التي تخضع لها، يمثل إما حالة سلبية يجب معالجتها، أو حالة من عدم الفهم لدور الرجل والمرأة في الأسرة.
 
فتكامل الأدوار بين الرجل والمرأة، لا يمنع من أن المرأة لها تأثير على الأسرة أكبر من الرجل، فهي صانعة الأسرة، والمرأة لا تخضع للرجل، بل تخضع لمسئولياتها داخل الأسرة، وما يفرض على المرأة من أدوار هو لصالح الأسرة، وتحقيقًا لحقوق الأسرة على كل أفرادها، وتحرير المرأة من الأسرة يمثل إنهاء لدورها في الأسرة، رغم أن دورها داخل الأسرة مركزي عن دور الرجل، وإذا كان دور الرجل يتركز خارج الأسرة، ثم يتم تغيير دور المرأة ليتركز خارج الأسرة أيضًا، فسوف يؤدي ذلك إلى غياب دور الرجل والمرأة عن الأسرة، ومن ثَمَّ غياب حقوق الأسرة، وإنهاء دور الأسرة بوصفها المؤسسة المركزية التي تبني الأمة.
 
ويصبح تحرير المرأة من الأسرة، هو إنهاء لدور الأسرة، وتعظيم لدور الدولة بدلاً منها، وهكذا يتم تسهيل العلمنة والتغريب، وحتى تكتمل المنظومة العلمانية، يراد إنهاء احتكار الأسرة لممارسة الجنس المشروع، بحيث تصبح ممارسة الجنس لها أشكال متعددة، ولا تقتصر على الممارسة المشروعة داخل الأسرة فقط؛ مما يؤدي إلى تفكيك الأسس التي قامت عليها الأسرة الدينية، والتي تحتكر الممارسة المشروعة للجنس، حتى تظل تلك الممارسة طبقًا للقواعد الدينية، وترتبط ببناء الأسرة، ولا تصبح مجرد رغبة شهوانية منفلتة.
 
العلمنة من أسفل
 
قضية حقوق المرأة، تمثل نوعًا من العلمنة ولكن من أسفل، أي علمنة للبنية الأساسية للمجتمع والأمة، وهي الأسرة، وهي قضية حساسة بالطبع؛ لأن تفكيك بنية الأسرة، سوف يؤدي إلى إيقاف منظومة الضبط الاجتماعي على مستوى الأسرة، ومن ثَمَّ يتم إيقاف تلك المنظومة على مستوى المجتمع، ثم على مستوى الأمة، فمن خصائص الأمة الإسلامية، أنها تقوم على بناء اجتماعي قوي، يبدأ بالأسرة ثم المجتمع ثم الأمة، حيث تتأسس هوية وقيم الأمة على بنية اجتماعية مترابطة، تحمي تلك الهوية وتلك القيم.
 
وعندما تبدأ عملية علمنة الأسرة، فإن ذلك سوف يضعف قدرة الأمة على مواجهة عملية علمنة الدولة ومواجهة السياسة العلمانية التي تنشرها الدولة والنظام السياسي، وبهذا يتم تفكيك هوية الأمة وقدرتها على حماية هويتها؛ لذا يصبح صمود المرأة أمام عملية علمنة دورها، يمثل خط دفاع أساسي عن الأمة، فبقدر تصدي المرأة لعملية العلمنة والتغريب، وبقدر حفاظها على دورها في نقل قيم الأمة وهويتها عبر الأجيال، بقدر انتصار الأمة في معركة الاختراق العلماني.
 
 
موضوعات ذات صلة:

• الحركات الأنثوية وعلمنة الأسرة

• المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة

• أثر المؤتمرات والاتفاقيات الدولية على تفكيك الأسرة

• الاتفاقيات الدولية .. مؤامرة على قـيم الأسرة

• القيم الغربية وأثرها على كيان الأسرة المسلمة

• الأسرة والتحديات المعاصرة

• الإفساد التشريعي في مجال الأسرة

• الأسرة.. العدو اللَدود للفكر النسوي

• خصائص التحديات الخطيرة التي تواجهها الأسرة

• هل الأسرة المسلمة مستهدفة؟



___________

* المصدر: موقع إخوان أون لاين، 17/5/2010.

(1 موضوع)

مفكر مصري مسيحي، ينتسب إلى الطائفة الإنجيلية.